miércoles, 14 de enero de 2009

الشاعر الكوبي أوغسماندي


الشـــاعر الكوبـي أثمانـدي:لو أن لثقافة الكون أماً لكانت سورية بالتأكيد
ملحق ثقافي 2007/4/3

أنور بدر
أثماندي ليكايه / Ogsmande Lescayllers /أو عثمان /Osman / كما يحب أن ينادوه, شاعر وأديب كوبي من أم سورية وأب فرنسي, مجاز ودكتور في الحقوق، مجاز في تاريخ الفن والأدب الإسباني الأميركي اللاتيني، أستاذ في العلاقات الاقتصادية العالمية، شاعر, روائي، فيلسوف وناشر, عضو في لجنة الكتاب والفنانين الإسبان, مسؤول العلاقات العامة فيها, وهو يعيش في اسبانيا منذ خمسة عشر عاما تقريبا.
صدر له تسعة دواوين شعرية هي: قول الكلمة، قصائد لوجه فتاة، الخرافة وألق العين، موجز البراءة، أنا وجوبيتر, أصوات أسمعها، قصائد الظلال، بوق الريح، ناعورة المنفى. كما صدرت له روايتين: في عين ماء الملاك الحار. الطرف الآخر من العدم. وله دراسة نقدية بعنوان: شباك القصدية. إضافة لكتابين في الفلسفة هما: بنية الرغبة, و التربية من أجل السلام. زار هذا الشاعر المهم سوريا مؤخرا لتوقيع اتفاق تعاون مع اتحاد الكتاب العرب بدمشق, وليتعرف إلى موطن أجداده, لكن الإتحاد بكل أسف أضاع فرصة حضوره في العلاقة البروتوكولية, بل الأسوأ من ذلك أن الشعراء السوريين لم يسمع أغلبهم بهذه الزيارة, ومن سمع منهم لم يعتبر نفسه معنيا بها, فالشعر كان ولا يزال ديوان العرب, لكنه هذه الأيام ديوان منسي وبلا جمهور. مع ذلك اقتنصنا هذا اللقاء الممتع مع الشاعر أثماندي حول هذه الزيارة, وحول تجربته الأدبية, والعلاقة بين الأدب العربي والكوبي: بداية أرجو أن تحدثنا عن سبب زيارتك إلى دمشق, وما هي نتائجها؟ في الواقع هناك سببان لزيارتي إلى دمشق. الأول هو توقيع اتفاق تعاون بين لجنة الكتاب والفنانين الإسبان وبين اتحاد الكتاب العرب في دمشق. والسبب الآخر هو التعرف على بلد أسلافي. ولكلا السببين أشعر بالفخر والرضى للنتائج والترحيب الذي منحني إياه مفكرون وأصدقاء سوريون على طول وعرض هذا البلد الرائع. ولطالما قلت: لو أن لثقافة الكون أماً لكانت سوريا, وذلك يعود للإنجازات التي حققها أبناء هذا البلد على مر العصور, وفي الوقت الحاضر هم مستمرون بالتحضر وبالدفاع عن السلام والعدالة والحرية. كتبت على غلاف ديوانك "بوق الريح" عبارة "الفن غذاء يصون"، فما الذي يصونه الفن برأيك؟ يحفظ الفن هويتنا ورؤيتنا للعالم مهما تكن أولية, الفن يحفظ جوهر كينونتنا وإدراكنا للعالم الذي نعيش فيه, إنه غذاء، وخزان لكل أفعال الإنسان على الأرض, إنه يحفظ العقل عند ملامسة أو معايرة الحدود والنصوص, إنه يحفظ الكائن بكل كماله، ليس هناك فقط بل وكما يقول هايدغر داخل وخارج أنفسنا. أنت روائي أيضا، ومن وجهة نظرك، مالذي يمكن أن تقدمه في الرواية ولا يمكن أن تقدمه في الشعر؟ في الواقع، ليس من السهل معرفة أين هي الحدود بين الشعر والنثر، بل إن الفصل بينهما يبدو مستحيلا، ما عدا بعض الاستثناءات ذات الضروب الإيقاعية والدلالية. لكن هذا من وجهة نظري لا يخدم كثيراً, وبدل من أن يوضح الموضوع على نحو ممكن فإن ما يفعله هو تعقيده أكثر. ربما فيما يتعلق باستخدام الشخصيات، أو بمفهوم الحبكة في بعض القصص، لا يكون العنصر الشعري مرئياً جداً. الوعي الشعري دائماً متفوق على الوعي الروائي، لكن وبما أنه ليس للشعر ذاكرة تاريخية، فلربما لهذا السبب عند تبادل العلاقة تصبح شباك كل منهما غير مرئية، غير أن الرواية الجيدة هي دائماً قصيدة جيدة والعكس صحيح. لكننا نلاحظ مؤخرا انحسار الشعر أمام تقدم الأجناس الأدبية الأخرى؟ السبب هو الطباعة السيئة للشعر من جهة، ومن جهة أخرى هناك شعراء سيئون بطبعات كثيرة لدواوينهم التي تعكر بانوراما الشعر، لكن وكما قلت في مناسبات أخرى، يوجد الشعر على نحو مستقل عن الشاعر أو الشعراء، فالواقع الشعري موجود في الطبيعة: طلوع الفجر، حلول المساء، في لون قوس القزح، طيف ألوان الفراشة، في ولادة الطفل وازهرار النباتات، في شدو العصافير أو معجزة الحياة. هل ترغب حضرتك بشعر أكثر من هذا؟ الآن حسناً، الكتابة هي جزء من آلية أخرى لا يصلها الجميع، فهذا يتطلب قلباً واسعاً ونظرة كونية للعالم. أما الأجناس الأخرى، كالرواية مثلاً، فهي تنشر كثيراً الآن، غير أن هذا لا يضعف من أهلية الشعر، ليبقى أماً ومرشداً لكل الأجناس الأدبية. هل يمكن تمييز الشعر الكوبي ضمن إطار الشعر المكتوب باللغة الإسبانية؟ لطالما حظيت كل من إسبانيا وكوبا بشعراء عظام, ما يميز هذا الشعر هو السياق الذي يُكتب فيه، وليس اللغة التي نعبر من خلالها، فلغتنا مشتركة بصبغة وطابع وألوان مختلفة طبيعياً, غير أن هيريديا مثلاً ليس لديه ما يحسد عليه أي شاعر رومانسي إسباني، ولا حتى بيكر، أو ميلينديث أو خوسيه مارتي، أو كاسال لماتشادو. فمثلاً لا تجد مثيلاً لكل من نيقولا غيين أو لخوسيه لِماثا ليما ي في كل شبه الجزيرة، غير أن ما يحدث هو أن الكوبيون قد حظوا بانتشار أقل مما حظي به الإسبان, ولذلك لم يُعرفوا كثيراً ولم يهتم بهم النقاد والقراء. الشعر الكوبي وعبر الأزمان ظل ميسوراً وحياً مثل ما حدث في القليل من بلدان القارة. الشعر الكوبي يبحث دائماً عن آفاق جديدة دون أن يبتعد عن الواقع، ما يجعله مميزاً بإيقاعه وحضوره ضمن لغة ثرفانتس. ربما يفسر ذلك حالة الندرة في وصول الأدب والشعر الكوبي إلينا بالرغم من العلاقات المميزة التي تربطنا بين بلدينا؟ هذا ممكن، كما تعرف حضرتك، فكوبا تعيش ظروفاً خاصة, وربما هذا يجعلها تعطي أهمية أكبر لأمور أخرى أكثر مما تعطيه للشعر والأدب عموماً، وحسب ما يقول المفكر الكوبي الكبير خوسيه مارتي، "العدالة أولاً والفن من بعدها"غير أن هذا ليس مجرد رأي شخصي، فالصحيح أن هناك الكثير من الشعراء الكوبيين داخل وخارج البلد، ونحن في أعماقنا جميعاً شيئ واحد، نبحث على شاطئ أو آخر في الأفق ونداعب كل يوم انبلاج الضوء. لو عكسنا الآية, كيف يتلقى القارئ الناطق بالإسبانية الشعر أو الأدب العربي المترجم إلى الإسبانية؟ يتلقى القارئ الناطق بالإسبانية بكثير من الإعجاب الشعر العربي, وليس الشعر فقط وإنما الرواية أيضاً. هناك ترجمات جيدة للغاية وأعمال رائعة تحولت لتصبح كلاسيكية بالنسبة لنا. وكذلك لشعراء فرس كحافظ , سعدي, الخيام. لكننا قرأنا لشعراء عرب كأدونيس ونزار قباني وفدوى طوقان، وحتى روائيين مثل أمين معلوف أو نجيب محفوظ الحاصل على جائزة نوبل والذي توفي حديثاً, كما قرأنا للباحث إدوارد سعيد، وهذه الأسماء أصبحت كلاسيكيية بالنسبة لنا. والثقافة الإسبانية مدينة للتراث الذي تركه العرب في أرضها. غونغورا، كيبيدو، غرثيلاسو دي لا بيغ، الصوفيون والقديسة تيريزا وسان خوان دي لا كروث وصولا فيديريكو غارثيا لوركا، في شعرهم طبيعة ونكهة تنتمي للأدب العربي, وهذه الطبيعة تزين وتجمل نتاجات هؤلاء الشعراء وشعرهم بشكل خاص. أنت تعيش في إسبانيا منذ أكثر من خمسة عشر عاماً،. ما الذي أضافه المركز الثقافي السوري للحياة الثقافية في اسبانيا؟ المركز الثقافي السوري في مدريد هو أحد أهم التجارب التي عشتها في هذه المدينة، إنه ويمكن أن أقول هكذا، بيت التلاقي، إنه قطعة صغير من سورية الحبيبة والتي بفضل إدارة وذكاء مديره الشاعر الكبير والمترجم والكاتب والإنسان والصديق رفعت عطفة، فإنه يكسب في كل يوم ويزداد تألقاً. في المركز الثقافي السوري في مدريد نجد الحياة والسلام والأخوة والرغبة في اللقاء ونهراً رائعاً من المعرفة يتدفق بغزارة في كل يوم, يتدفق بالأفكار التي تم التوصل إليها من قبل عرب وإسبان، رغبة في أن يكون العالم فضاءً للجميع ولخير الجميع. لم يعد المركز هو المركز، إنما بيت أمومة شعبين يحبان بعضهما: السوري والإسباني. كيف ستغادرنا بعد هذه الأيام التي قضيتها في أرض أجدادك؟ لا، لن أغادر. فسوريا وناسها في قلبي. تصعب الإجابة على هذا السؤال كثيراً، على الأرجح لأن البعض سيظن بأن جوابي يمكن أن يكون تافهاً أو دبلوماسيا، وهذا أبعد ما يكون عن كينونتي وروحي الناقدة. والصحيح هو أنني لطالما أحببت هذا البلد، حتى قبل أن أعرفه. وأنا أمشي في دمشق سمعت صوت أجدادي، ولحن الأغاني التي كانت تنغمها أمي ورائحة مطبخ بيتي في كوبا حيث كان يخلط كل شيء على نحو لذيذ، و بالأخص فرحة العيش والتقاسم دون وضع فوارق. صحيح، أنا أغادر، لكنني أتمنى ألا أنسى الطريق. أحبكم جميعاً وشكراً جزيلاً يا صديقي.‏

1 comentario:

Jara Silberia dijo...

Tradúceme... a ver si es lo mismo que he entendido yo:-)