lunes, 27 de abril de 2009

ENTREVISTA EN DAMASCO.






أثماندي: لو أن للثقافة أم لكانت سورية والشعر ديوان العرب المنسي
أجري الحوار في دمشق: أنور بدر
أثماندي ليكايه Ogsmande Lescayllers أو عثمان Osman كما يحب أن ينادوه، شاعر وأديب كوبي من أم سورية وأب فرنسي، مجاز ودكتور في الحقوق، مجاز في تاريخ الفن والأدب الاسباني الأمريكي اللاتيني، أستاذ في العلاقات الاقتصادية العالمية، شاعر، روائي، فيلسوف وناشر، عضو في لجنة الكتاب والفنانين الاسبان، مسؤول العلاقات العامة فيها، وهو يعيش في اسبانيا منذ خمسة عشر عاما تقريبا.صدر له تسعة دواوين شعرية هي: قول الكلمة، قصائد لوجه فتاة، الخرافة وألق العين، موجز البراءة، أنا وجوبيتر، أصوات أسمعها، قصائد الظلال، بوق الريح، ناعورة المنفي. كما صدرت له روايتان: في عين ماء الملاك الحار، والطرف الآخر من العدم. وله دراسة نقدية بعنوان: شباك القصدية اضافة لكتابين في الفلسفة هما: بنية الرغبة، و التربية من أجل السلام.زار هذا الشاعر المهم سورية مؤخرا لتوقيع اتفاق تعاون مع اتحاد الكتاب العرب بدمشق، وليتعرف الي موطن أجداده، لكن الاتحاد بكل أسف أضاع فرصة حضوره في العلاقة البروتوكولية، بل الأسوأ من ذلك أن الشعراء السوريين لم يسمع أغلبهم بهذه الزيارة، ومن سمع منهم لم يعتبر نفسه معنيا بها، فالشعر كان ولا يزال ديوان العرب، لكنه هذه الأيام ديوان منسي وبلا جمهور.مع ذلك اقتنصنا هذا اللقاء الممتع مع الشاعر أثماندي حول هذه الزيارة، وحول تجربته الأدبية، والعلاقة بين الأدب العربي والكوبي:
* بداية أرجو أن تحدثنا عن سبب زيارتك الي دمشق، وما هي نتائجها؟
في الواقع هناك سببان لزيارتي الي دمشق. الأول هو توقيع اتفاق تعاون بين لجنة الكتاب والفنانين الاسبان وبين اتحاد الكتاب العرب في دمشق. والسبب الآخر هو التعرف علي بلد أسلافي. ولكلا السببين أشعر بالفخر والرضي للنتائج والترحيب الذي منحني اياه مفكرون وأصدقاء سوريون علي طول وعرض هذا البلد الرائع. ولطالما قلت: لو أن لثقافة الكون أماً لكانت سورية، وذلك يعود للانجازات التي حققها أبناء هذا البلد علي مر العصور، وفي الوقت الحاضر هم مستمرون بالتحضر وبالدفاع عن السلام والعدالة والحرية.
* كتبت علي غلاف ديوانك بوق الريح عبارة الفن غذاء يصون ، فما الذي يصونه الفن برأيك؟
يحفظ الفن هويتنا ورؤيتنا للعالم مهما تكن أولية، الفن يحفظ جوهر كينونتنا وادراكنا للعالم الذي نعيش فيه، انه غذاء، وخزان لكل أفعال الانسان علي الأرض، انه يحفظ العقل عند ملامسة أو معايرة الحدود والنصوص، انه يحفظ الكائن بكل كماله، ليس هناك فقط بل وكما يقول هايدغر داخل وخارج أنفسنا.
* أنت روائي أيضا، ومن وجهة نظرك، ما الذي يمكن أن تقدمه في الرواية ولا يمكن أن تقدمه في الشعر؟
في الواقع، ليس من السهل معرفة أين هي الحدود بين الشعر والنثر، بل ان الفصل بينهما يبدو مستحيلا، ما عدا بعض الاستثناءات ذات الضروب الايقاعية والدلالية. لكن هذا من وجهة نظري لا يخدم كثيراً، وبدل أن يوضح الموضوع علي نحو ممكن فان ما يفعله هو تعقيده أكثر. ربما فيما يتعلق باستخدام الشخصيات، أو بمفهوم الحبكة في بعض القصص، لا يكون العنصر الشعري مرئياً جداً. الوعي الشعري دائماً متفوق علي الوعي الروائي، لكن وبما أنه ليس للشعر ذاكرة تاريخية، فلربما لهذا السبب عند تبادل العلاقة تصبح شباك كل منهما غير مرئية، غير أن الرواية الجيدة هي دائماً قصيدة جيدة والعكس صحيح.
* لكننا نلاحظ مؤخرا انحسار الشعر أمام تقدم الأجناس الأدبية الأخري؟
السبب هو الطباعة السيئة للشعر من جهة، ومن جهة أخري هناك شعراء سيئون بطبعات كثيرة لدواوينهم التي تعكر بانوراما الشعر، لكن وكما قلت في مناسبات أخري، يوجد الشعر علي نحو مستقل عن الشاعر أو الشعراء، فالواقع الشعري موجود في الطبيعة: طلوع الفجر، حلول المساء، في لون قوس القزح، طيف ألوان الفراشة، في ولادة الطفل وازهرار النباتات، في شدو العصافير أو معجزة الحياة. هل ترغب بشعر أكثر من هذا؟ الآن حسناً، الكتابة هي جزء من آلية أخري لا يصلها الجميع، فهذا يتطلب قلباً واسعاً ونظرة كونية للعالم. أما الأجناس الأخري، كالرواية مثلاً، فهي تنشر كثيراً الآن، غير أن هذا لا يضعف من أهلية الشعر، ليبقي أماً ومرشداً لكل الأجناس الأدبية.
* هل يمكن تمييز الشعر الكوبي ضمن اطار الشعر المكتوب باللغة الاسبانية؟
لطالما حظيت كل من اسبانيا وكوبا بشعراء عظام، ما يميز هذا الشعر هو السياق الذي يُكتب فيه، وليس اللغة التي نعبر من خلالها، فلغتنا مشتركة بصبغة وطابع وألوان مختلفة طبيعياً، غير أن هيريديا مثلاً ليس لديه ما يحسد عليه أي شاعر رومانسي اسباني، ولا حتي بيكر، أو ميلينديث أو خوسيه مارتي، أو كاسال لماتشادو. فمثلاً لا تجد مثيلاً لكل من نيقولا غيين أو لخوسيه لِماثا ليماي في كل شبه الجزيرة، غير أن ما يحدث هو أن الكوبيين قد حظوا بانتشار أقل مما حظي به الاسبان، ولذلك لم يُعرفوا كثيراً ولم يهتم بهم النقاد والقراء.الشعر الكوبي وعبر الأزمان ظل ميسوراً وحياً مثل ما حدث في القليل من بلدان القارة. الشعر الكوبي يبحث دائماً عن آفاق جديدة دون أن يبتعد عن الواقع، ما يجعله مميزاً بايقاعه وحضوره ضمن لغة ثرفانتس.
* ربما يفسر ذلك حالة الندرة في وصول الأدب والشعر الكوبي الينا بالرغم من العلاقات المميزة التي تربطنا بين بلدينا؟
هذا ممكن، كما تعرف حضرتك، فكوبا تعيش ظروفاً خاصة، وربما هذا يجعلها تعطي أهمية أكبر لأمور أخري أكثر مما تعطيه للشعر والأدب عموماً، وحسب ما يقول المفكر الكوبي الكبير خوسيه مارتي، العدالة أولاً والفن من بعدها غير أن هذا ليس مجرد رأي شخصي، فالصحيح أن هناك الكثير من الشعراء الكوبيين داخل وخارج البلد، ونحن في أعماقنا جميعاً شيء واحد، نبحث عن شاطئ أو آخر في الأفق ونداعب كل يوم انبلاج الضوء.
* لو عكسنا الآية، كيف يتلقي القارئ الناطق بالاسبانية الشعر أو الأدب العربي المترجم الي الاسبانية؟
يتلقي القارئ الناطق بالاسبانية بكثير من الاعجاب الشعر العربي، وليس الشعر فقط وانما الرواية أيضاً. هناك ترجمات جيدة للغاية وأعمال رائعة تحولت لتصبح كلاسيكية بالنسبة لنا. وكذلك لشعراء فرس كحافظ ، سعدي، الخيام. لكننا قرأنا لشعراء عرب كأدونيس ونزار قباني وفدوي طوقان، وحتي روائيين مثل أمين معلوف أو نجيب محفوظ الحاصل علي جائزة نوبل والذي توفي حديثاً، كما قرأنا للباحث ادوارد سعيد، وهذه الأسماء أصبحت كلاسيكية بالنسبة لنا. والثقافة الاسبانية مدينة للتراث الذي تركه العرب في أرضها. غونغورا، كيبيدو، غرثيلاسو دي لا بيغ، الصوفيون والقديسة تيريزا وسان خوان دي لا كروث وصولا الي فيديريكو غارثيا لوركا، في شعرهم طبيعة ونكهة تنتمي للأدب العربي، وهذه الطبيعة تزين وتجمل نتاجات هؤلاء الشعراء وشعرهم بشكل خاص.
* أنت تعيش في اسبانيا منذ أكثر من خمسة عشر عاماً،. ما الذي أضافه المركز الثقافي السوري للحياة الثقافية في اسبانيا؟
المركز الثقافي السوري في مدريد هو أحد أهم التجارب التي عشتها في هذه المدينة، انه ويمكن أن أقول هكذا، بيت التلاقي، انه قطعة صغيرة من سورية الحبيبة والتي بفضل ادارة وذكاء مديره الشاعر الكبير والمترجم والكاتب والانسان والصديق رفعت عطفة، فانه يكسب في كل يوم ويزداد تألقاً. في المركز الثقافي السوري في مدريد نجد الحياة والسلام والأخوة والرغبة في اللقاء ونهراً رائعاً من المعرفة يتدفق بغزارة في كل يوم، يتدفق بالأفكار التي تم التوصل اليها من قبل عرب واسبان، رغبة في أن يكون العالم فضاءً للجميع ولخير الجميع. لم يعد المركز هو المركز، انما بيت أمومة شعبين يحبان بعضهما: السوري والاسباني.
* كيف ستغادرنا بعد هذه الأيام التي قضيتها في أرض أجدادك؟
لا، لن أغادر. فسورية وناسها في قلبي. تصعب الاجابة علي هذا السؤال كثيراً، علي الأرجح لأن البعض سيظن بأن جوابي يمكن أن يكون تافهاً أو دبلوماسيا، وهذا أبعد ما يكون عن كينونتي وروحي الناقدة.والصحيح هو أنني لطالما أحببت هذا البلد، حتي قبل أن أعرفه. وأنا أمشي في دمشق سمعت صوت أجدادي، ولحن الأغاني التي كانت تنغمها أمي ورائحة مطبخ بيتي في كوبا حيث كان يخلط كل شيء علي نحو لذيذ، و بالأخص فرحة العيش والتقاسم دون وضع فوارق. صحيح، أنا أغادر، لكنني أتمني ألا أنسي الطريق. أحبكم جميعاً وشكراً جزيلاً يا صديقي.
قامت بالترجمة بين الاسبانية والعربية: مها عطفة.
القدس العربي24-4-2007

No hay comentarios: